رواية انا والطبيب (جميع الفصول ) بقلم ساره نيل

موقع أيام نيوز

.. اتفضل يا حبيب أمك عاش من شافك يا واد ولا علشان اتجوزت بقاا مش كفاية أنا عديتها..
استدارت للداخل وهي تحدثه بينما كان الشيخ رضوان جالسا يتلو في كتاب الله وفور أن رأى قيس الذي يقف على عتبة باب المنزل حتى أغلق المصحف مبتسما وهو يقول
ادخل يا قيس واقف ليه كدا..
تنحى قيس حتى تجلى لهم طاهر....
سنوات ضائعة ... ملامح متغيرة ... ونظرات مختلفة..
لكن هو طاهر .. يحمل ملامح طاهر ذاتها .. وهذا أب وهذه أم يكتويان بڼار الشوق والحنين والحنان والتلهف لولدهم حتى وإن كانت الأثام تغرقه.
سقط ما بيد رحيمة واستقام الشيخ رضوان ينظر بأعين متسعة تدور پجنون حول هذه الملامح شاعرا بأن أقدامه عاجزة عن حمله..
أما طاهر فكان يقف أمامهم مطأطأ الرأس فقد عتى هو عتوا كبيرا وذهب عمره هبائا منثورا..
لا يقوى على رفع رأسه بهم لا يستيطع أن تنغمس أعينه داخل أعينهم..
هل يا ترى يحق له طلب الغفران منهم!
إلى الآن لا يدرك طاهر أنهم أب وأم مهما أخطأ أبناءهم لا ينزعجون لا يبغضون تبقى أحضانها فاغرة دائما..
اڼفجرت رحيمة پبكاء عڼيف وصړخت بتلهف وهي تهرع نحوه تجذبه لأحضانها بحنان
طاهر ... طاهر ابني .. طاهر يا حبيب أمك..
كنت عارفة والله يا ابني .. كنت عارفة إنك هترجع .. ألف حمد وشكر ليك يارب .. طاهر خلاص رجع .. ابني رجعلي يا ناس..
وهنا أطلق طاهر العنان لكل شيء بداخله وكل شيء مكبوت..
رفع ذراعيه يحاوط والدته وهو يغمض أعينه لهذه المشاعر والأمان التي غزته أشياء لم يعلم قيمتها إلا حين فقدها..
يزرع نفسه داخل أحضانها بشدة ينعم بالسكون أخيرا ... فالدار أمان الآن..
لم تكتفي رحيمة ولكنها ابتعدت عنه مرغمة تنظر لملامح وجهه وتتحسسه بحنان فقال طاهر بأعين مليئة بالدموع
وحشتيني يا أمي .. وحشتيني.
لم تصدق أذنيها فيما سمعت .. هل يقول أمي..
كان قلبها متسلحا باليقين أن تلك الكلمة ستدلف أذنيها يوما ما...
نظر طاهر نحو والده المتخشب بأرضه لم يحرك ساكنا فعلم أنه لن يكون له نصيب من الغفران بقلب الشيخ رضوان..
إلا أنه لم يرضخ بل هرع نحو والده وانحنى يجثو أرضا عند أقدامه يقبل قدميه وسقطت الدموع فوق أقدامه وهو يقول باكيا
سامحني يا شيخ رضوان ... سامح طاهر يا أبويا.. سامحني .. لفيت لفتي ورجعت ليك زي ما قولتلي .. مصيري ومرجعي لهنا يا شيخ رضوان..
كان عندك حق في كل كلمة يا أبويا كان عندك حق ومن يوم ما خرجت من هنا مدوقتش طعم الأمان إللي معرفتش قيمته ألا ما بعدت عنه..
وارتفع يقبل يدي والده الذي جذبه لأحضانه بسعادة وقال
الحمد لله على سلامتك يا طاهر .. الحمد لله .. الحمد لله على كل شيء يا ابني..
الحمد لله إن رب العالمين نور بصيرتك يا طاهر..
أنا أبوك والأب بيسامح يا ابني ومش بيزعل من ابنه..
ورب العاملين بيسامح .. أنت غلطت في حق رب العباد ولازم تطلب السماح والمغفرة منه...
وانشغل الشيخ رضوان ورحيمة بطاهر وبقى قيس يقف بأحد الزوايا ينتظر بترقب اللحظة الحاسمة لا يعلم كيف سيرفع رأسه أمامهم..
وجاء السؤال المرتقب تسائل رضوان بتعجب وهو ينظر لقيس
وأنت عرفت طاهر منين يا قيس ورجعته إزاي .. يعني اتقابلت فيه إزاي يا ابني..
أوشك طاهر على إختلاق كذبه لكن سبقه قيس قائلا
لا يا طاهر .. الكذب من هيفيد في حاجة الحقيقة مسيرها في يوم تتعرف فابدأ وقول الحكاية من أولها علشان أرتاح..
رمقه طاهر برفض واعتراض تحت تعجب الشيخ رضوان وزوجته لكن أصر قيس
لا يا طاهر .. قول الحقيقة.. والأحسن تحكي أنت أفضل..
ابتلع طاهر ريقه لما هو قادم عليه وشرع يسرد الحكاية منذ البداية تحت غليان قلب رحيمة فهي بالأخير أم تآكل قلبها لتلاعب هذا الحقېر بمشاعر ولدها واستغلاله بأبشع الطرق سرد لها أفعاله وچرائمه وما فعله بقدر وعائلتها..
وكشف الحقيقة وحكايته مع قيس...
حتى وصل لخط النهاية..
كان قيس يشعر بأبشع مشاعر مر بها طيلة حياته الخجل .. الخذلان .. العجز. 
يدرك الآن ما يدور بداخلهم جيدا وما الخواطر التي تلقى بعقولهم..
وإلى هذا الحد لم يستطع قيس التحمل وخرج مسرعا بقلب يقطر ألما..
الآن خسر كل شيء .. الجميع .. الجميع تركه ونبذه وبقى مذموم. 
قال طاهر بصدق
قيس ملهوش أي ذنب .. بالعكس هو دافع عني وأخد بإيدي لهنا .. هو كمان ضحېة عاش من غير أب وأم واټصدم صدمة عمره في أبوه..
الصدمة إللي أخدها مش سهلة أبدا يا شيخ رضوان قيس شخص حساس ومش بيقبل الأذية لحد وشايل إللي عملتوه معاه فوق راسه وفي عينه..
وصمت طاهر ثم أكمل مبتلعا ريقه بتوتر
أنا رجعت لكم بس لازم ادفع تمن إللي عملته وحقوق العباد يا شيخ رضوان هرجع تاني بس هرجع طاهر إللي يليق بيكم .. لازم أدفن عزيز علشان طاهر يرجع..
محتاج دعواتكم يا أمي أنت وأبويا ورضاكم علشان أكفر عن أغلاطي...
أنا لازم أبدأ من الصفر وادفن الماضي تماما..
بكت رحيمة بشدة بينما نظر له والده بسعادة بالغة وقال بهدوء
هننتظرك يا طاهر ودعواتنا معاك .. راضين عنك يا طاهر وأنا واثق إنك هتلاقي الطريق .. واثق فيك يا طاهر..
وقضى طاهر الوقت برفقة والديه وشقيقاته حتى أتى وقت الرحيل فخرج بعد الكثير من الأحضان..
وقف أمام المنزل وهو يرى تلك التي تقف في الشرفة بأعين حزينة وقد قصت له والدته موقفها بعد رحيله والتي فهمتها والدته دون أن تخبرها ضحى...
سار حتى وقف أسفل الشرفة وأردف دون أن ينظر لها
انتظريني يا ضحى .. هرجعلك .. بس هرجع طاهر إللي يستحقك يا ضحى.. استنيتي يا بسكوته..
ورحل متجها نحو مركز الشرطة بشموخ ورأس مرفوع لتنمو إبتسامة تلك التي أشرق وجهها وهمست بسعادة
دعيت كتير أووي يا طاهر .. هستناك زي ما استنيتك السنين دي كلها ومتنساش إن باب التوبة والمغفرة دايما مفتوح وإن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار..
هدعيلك دايما يا طاهر..

وصل طاهر لمركز الشرطة ليقابله ياسين وبصحبته فهد..
وقف طاهر برأس مرفوع أمام فهد وهتف
إللي حصل لأبوك جعفر البحيري الحقيقي على إيد ماجد البنا إللي لعب دور أبوك جعفر بعد مۏته .. أنا مليش ذنب فيه يا فهد..
ومد له يده بمفتاح سيارته وقال
دا مفتاح عربيتي وكدا مفيش أي حاجة بقت ملكي من أملاكك أنت وفارس...
مع إن الشركات والشغل أنا إللي قومته كنت بشتغل دون رحمة ليلي ونهاري وأنت شاهد ومش هتنكر إللي وصلتله شركات البحيري بفضلي بس أنا مش عايز أي حاجة من الماضي أنا قفلت على الصفحة دي للأبد..
بس إللي طالبه منك بحسابي إللي في البنك ترجع تبني بيوت الناس مكان المخازن إللي اتهدت وترجعهم لأصحابهم وأولهم بيت قدر وعيلتها...
المخازن اتهدت والعمال شغالين عليك أنت تباشر الشغل بس..
ووجه أنظاره لياسين قائلا
قيس محتاجكم يا ياسين مش تسيبوه بيته جمب بيتي روحله وخليك جمبه..
بالنسبة للي عملته في عيلتك وفي قدر يا
تم نسخ الرابط