رواية انا والطبيب (جميع الفصول ) بقلم ساره نيل

موقع أيام نيوز

من طفولته في ظل الحرمان لكن كان طاهرا نقيا لم تمسسه الأثام... بينما أخرون تم غمسهم بوحل لا سبيل للخروج منه..
إذا أخذ الله عطاء بشكل أخر...
فيجب الرضا بأي حال من الأحوال..
أما قدر فقد بدأت تستوعب شيئا فشيء ما يحدث تلك الخيوط المترابطة بعضها ببعض متشابكة منبعها خيط واحد توزع أنظارها بين الجميع فالجميع لديه حديث ذو شجون..
من الجاني ومن الضحېة من الجلاد ومن الفريسة.!
أصبحت الأمور مختلطة بعضها ببعض..
أمن الممكن أن يكون الجاني ذاته الضحېة وأن الفريسة أصبحت الجلاد!!
قيس الذي بداخله شلالا يعج ويثور ويضطرب ويمور .. شلالا من الحزن والألم والحسړة ولا يعلم كيف الآن يكون الخلاص..!!
رمق قيس طاهر وأردف بحيرة
أنا مش عارف أعتبرك أيه .. أنت طاهر ولا الشيطان عزيز .. إزاي بقيت كدا .. إزاي هان عليك الشيخ رضوان أبوك وأمك..
أشفق عليك ولا أكمل عليك وأكسر عضمك..
طب وإللي عمله معايا الشيخ رضوان وأمي رحيمة.. إزاي هواجههم.. إزاي هقولهم دا ابنكم النسخة الجديدة منه إللي أسوء مليون مرة من نسخته القديمة..
كنت وحيدة تايه طفل مش عارف يعمل أيه ولا يتصرف إزاي .. كان ممكن أبقى أسوء منك ومن إللي أسوء منك مليون مرة..
كان ممكن أضيع والحياة حوالينا مليانه بأسباب ملهاش أول من أخر للضياع وبالذات لطفل لسه في بداية حياته وتكوينه..
بس رحمة ربنا إن بعتلي الناس دي في الوقت المناسب وكان الشيخ رضوان ليا الأب إللي مخلفنيش وكذلك أمي رحيمة..
رغم إللي عملته يا طاهر بس دورنا عليك وكان قلب أمك محروق ومبطلتش دعاء ليك بالهدى..
ذنبهم أيه علشان يتحطوا في موقف زي ده..!!
وتصاعد صوته يعلو ويعلو وهو يتحرك ليقف أمام والده يصيح بصوت هادر وأعصابه قد تفلتت من معقلها وأوداجه منتفخة يوشك أن يصاب بذبحة صدرية هيئته والإنكسار الذي يعلوه تمزق القلوب 
ليه عملت كدا ... ليه .. ليه قولي ليه أذيت الكل بالطريقة دي .. طب مفتكرتنيش خالص .. مفتكرتش إن ممكن يحصلي زي ما حصل لولاد الناس دول ... بس أنا ربنا حماني مش علشان خاطرك ... علشان أمي .. أمي وبس..
الناس إللي ربت ابنك بطريقة أنت مستحيل كنت تعرف تربيني بيها هخلي ابنهم يقابلهم إزاي دلوقتي .. اقولهم أيه .. دي نتيجة المعروف إللي عملتوه معايا .. أبويا هو السبب الرئيسي إن ابنكم يوصل للمرحلة دي .. أقولهم دا رد المعروف..
طب أبويا رضوان وأمي رحيمة هيحصلهم أيه أب وأم متلهفين لابنهم وتفكير الشيخ رضوان كله أمل وثقة بالله إن ممكن الأيام والوقت علموا ابنهم وغيروه للأفضل..
أنت كسرتني .. كسرتني مرتين ومۏت في عيني ألف مرة..
كسرتني لما اتخليت عني زمان وسيبتني وراك من غير ذرة تردد بس بحمد ربنا على الكسرة دي..
وكسرتني لما عرفت إن أنا واقف قدام مچرم متعدد الأغراض ... مچرم مسابش حاجة ألا ما عملها..
أنا الكسرة إللي جوايا مستحيل تتصلح يا ماجد وحسرتي الكبيرة إن أنا شايل اسمك..
ابتلعت قدر ريقها بصعوبة فيبدو أنها ليست الوحيدة التي تمتلك قصة مؤلمة وجراح تسكن قلبها .. قيس كالوردة التي نبتت وسط الخړاب..
فهمت ما يدور وسكن لهيب قلبها لكن تمزق قلبها لأجل حامي الحمى خاصتها..
في حين تقدم فهد بجانب قيس وأردف بصوت يغمره الألم
لا يا دكتور قيس أنت شايل اسم راجل لسه على حاله محدش يعرفه .. اسم ماجد البنا مش هو إللي اتشوه اسم أبويا إللي ماټ من سنين ... نسب ليه ولصق في اسمه جرايم ملهاش أول من أخر وهو في رحمة رب العالمين..
أخفض قيس رأسه وأحناه للمرة الأولى بخذلان وهتف
مش هعرف أرفع راسي تاني ولا أحط عيني في عين حد..
بصراحة مش عارف أقولك أيه يا فهد ولا أرجعلك حقك إزاي وعارف إن مهما أعمل مش هيكفر ولا هيرجع إللي حصل زمان...
لا أنت ولا ياسين وأسرته ولا الشيخ رضوان وأهل بيته..
ورفع أنظاره الغائمة بالإنكسار يضعها بأعين قدر المشوبة بالدموع وهمس وهو يتذكر عڈابها وما لاقته
ولا أنت يا تركواز..
وغامت أعينه بأعينها التي تخبره أنه لا بأس ليس لك من هذا الأمر شيء لا يحق لك الخجل والإنكسار .. أنت بقعة الضوء الوحيدة في وسط تلك الدهمة البهماء .. فلا تحزن لن تترك يدي يدك أبدا..
في حين أخبرتها أعين قيس العاشقة..
ذقت الحب بعد قحل بئيس وحين زارني طيفك سيدتي وكنت لي قدر قيس رحيم آنست به فظننت الصيب قد حط على قحطي لكن لم أنتبه أنه يجتر سيل جارف وقد جاءني الموج الأشد من كل مكان..
فما ظنك مولاتي ماذا أنا فاعل الآن.!!
وفي ظل دقائق كانت أفراد الشرطة تحاوط المكان والټفت الأصفاد بأيدي جعفر الذي كان وجهه جامد يسقط منه شړ چحيمي وصاح بوعيد لفهد
هدفعك التمن غالي يا ابن رضوى .. هدفعك التمن غالي أووي..
نمت إبتسامة ساخرة فوق فم فهد وأردف
عهدك انتهى يا ماجد .. خلاص انتهى كل حاجة بقيت ولا حاجة..
بينما كان يقف قيس بثبات يدير وجهه للجهة الأخرى لېصرخ ماجد قبل أن يسحبوه للخارج
أنا أبوك يا قيس .. سامعني أبوك وليا حق عليك ولو ومليون واحد رباك هتفضل ابني ودمي بيجري جوا عروقك ..مش هتعرف تخلعني من جواك يا قيس .. مستحيل..
أغمض قيس أعينه بشدة وتنفس بعمق فتح أعينه ليجدهم يتجهون نحو طاهر الساكن بشكل غريب فوقف أمام جسد طاهر يحيل بينهم ثم أردف يوجه حديثه لياسين وفهد
كام ساعة .. محتاج كام ساعة وأنا بنفسي هسلمه لكم .. دا طلبي يا ياسين ورجاء يا فهد مسؤول مني أسلمه لكم بس سيبوه معايا كام ساعة في حاجة مهمة لازم اعملها..
تبادل فهد النظرات مع ياسين الذي حرك رأسه بإيجاب وثقة فالټفت قيس لطاهر الذي رمقه بإمتنان شديد وحنين يغزو أوصاله..
قال قيس
يلا يا طاهر..
سار طاهر بجانب قيس خارجا حتى وقف أمام قدر المتعلق أعينها بقيس پجنون..
وخرج صوت طاهر مصبوغ بأشد قصائد الندم
أنا آسف .. آسف يا قدر .. وعارف مش بالسهولة دي وإللي زي المسامحة ليه مش متاحة علشان كدا مش هتجرأ وأقول سامحيني..
وخرج يتبعه قيس الذي توقف فور أن سمع قدر تقول من خلفه بصوت عاشق
هستناك يا حامي الحمى .. هستناك في بيتك وفي مكانا .. متتأخرش على تركواز يا قيسي..
ابتسم بحزن وقلبه يمور بعشق وخرج بصحبة طاهر متجهين حيث أخر مقر للحكاية.....

في هذا المنزل المتوسط الذي يقبع على الشاطئ كان يتواجد قدر وأسرتها يلتفون ويتحدثون فيما حدث من قبل ويسرد كل شخص الحكاية من ناحيته..
كانت قدر الشارد عقلها مع قيسها تستقر بأحضان والديها وأشقاءها بأمان قد حرمت منه هذا العام العجاف..
وفي الأخير انتهى هذا الکابوس المزعج وانقشعت الظلمة من فوق سماء أيامهم...
دلف ياسين مسرعا يلهث ووجهه مكفهر فاعتدل الجميع يتسائلون بعجب وأولهم قدر التي وقفت أمام شقيقها تتسائل بقلق
في أيه يا ياسين .. أيه حالتك دي في حاجة حصلت..!!
مسح على شعره پعنف وقال بنبرة شديدة
تم نسخ الرابط